Thursday, May 06, 2010

مقال جديد عن كتابي كفيف لثلاثة ايام

التبرع بكوب ماء من اجل الأعداء
هشام الصباحي



لقد ظلم باسم شرف قصة مصاحبة رجل كفيف لثلاثة أيام..وظلمنا أيضا.. بهذا الاختصار القاسى الذي تناول به القصة.. الاختصار الذي منعنا من الاستمتاع بعم محمد الأعمى الذي يُبصر كل شئ والذي يحدد على الرغم من توقف احد أعضاءه عن العمل ..في ص 58 عندما يقول للقاص أو بطل القصة أو لنا " عارف يا ابني,كل شئ اتغير,ريحة الأيام,ريحة غدر الناس,وطعم الهوا في بقك" ..هذا الاختصار الذي لابد أن يُعاقب عليه الكاتب باسم شرف وعلى جريمة عدم الاسترسال..و الحكى عن هذا الرجل وعن أبطال القصة التي تصلح لان تكون رواية ..ماكل هذا الظلم الأدبي!!.
كانت العناوين الطويلة سمة أساسية ومهمة داخل المجموعة وتعطى للمجموعة ملمح بَهي وأيضا تجعله مدخلا جيدا لقراءة القصة ومن هذه العناوين ,ممكن يكون الكيبورد معلق,بعد أن شاهد علاء الدين قناة الناس,مقابلة خاصة مع السيد ياهو,الحذاء الذي أحب غلاف كتاب الوليد بن طلال,الايميل الرابع لفتاة مجهولة,رسائل تافهة لرجل كاذب,جزء من قصيدة الله.
أيضا كانت المُدخلات أو النص المقدم لكل مجموعة من القصص تكشف عمق التفكير والمشاعر التي يتحدث بها باسم عبر شخوصه حيث لابد أن تخرج من المجموعة بصديق يشبهك في وحدتك وفى تجوالك عبر الفن وخلال الشوارع ,أو تجد على أقل تقدير عدوا لك على الرغم انك لابد أن تكرهه إلا انك مع هذه المجموعة لابد أن تتعلم أن تتعاطف حتى مع أعداءك وتصبح مثل البطل في ص99 الذي يؤرخ لحالته"صاحب العمارة التي أسكن بها,هذا الرجل الذي ظل يقطع الماء عن سكان العمارة إلى أن حانت ساعته ومات,يومها قُطع الماء من المنطقة كلها وتأخر غسل جثته إلى أن جمعوا له من كل منزل كوبا",...أنا أيضا كنت سأتبرع بكوب من الماء لغسله ودفنه,سوف تتعرف على شهاب الذي لن يدخل النار -إن تقبل ربى وربه دعائي له- الذي يتمنى أن يحاسبه الله على انه مجرد عيل..وليس شرير ورجل كبير,أو الفتاة المجهولة التي يرسل إليها البطل الايميل الرابع الذي يحمل أجمل سرد طفولى عن حكاية أمنا الغولة,وأبو رجل مسلوخة,والعيال اللي .."سابو المدرسة وعملوا مدرسة لوحدهم علشان يبقوا صحاب أبو رجل مسلوخة ويتعلموا مع بعض من غير ناظر ولامدرسين",أنا شخصيا وجدت نفسي مع بطل قصة ممكن يكون الكيبورد معلق وكُنت ومازلت مثله" لا أنام وفى خزينتي الإلكترونية رسالة واحدة لم تقرأ"..على الرغم أنى استلمت أكثر من 500 رسالة يوميا بين ماهو ثقافي وأدبي من الفيس بوك والصحف المختلفة,وماهو تقنى من سيرفرات الشغل التي اعمل بها من اجل حل مشاكل التليفون المحمول حول العالم وخاصة الوطن العربي.وأيضا ربما تجد باسم شرف نفسه و تجد محمد هاشم بشحمه ولحمه ودار ميريت كاملة ص 107 في قصة "وجئت مرة.."وأيضا سوف تكتشف مثلي أن الفلسفة بوصفها حكمة وبمفهومها الإنساني متوفر جدا في هذه المجموعة الصادرة في القاهرة عام2010 عن دار العين بعنوان كفيف لثلاثة أيام للقاص والإنسان الجميل باسم شرف
إننا أمام كتابة حقيقة لاتهمها ..ولا يشغلها إلا أن تكتشف نفسها على حقيقتها وتشارك الآخرين نفسها عبر لغة تعبر عن كل ما يحدث بيننا من خلال لغة وجمل قصيرة تشبه الشعر وتقدم تشكيل لغوى عفوي غير مقصود لذا هو طازج من عينة"رصيدها من الزمن سبعة وعشرون عاما"ص18 "تحب رياضة الضحك وفتح الفكين لامتصاص النكتة ومضغها"
"هي دائما ما تخبرني عن الأسماء وكأني أعرفهم","شكرا للسيد ياهو على ما يصنعه من أجلنا"

إن مرحلة العمر السن ورصدها من الملامح التي يهتم بها باسم في مجموعته ليست كتقنية أدبية ولكنها حالة فوبيا يعيشها حيث يخاف من تقدم السن به"أطال الله عمره" ولذا فهو يعالجها في العديد من القصص حتى يقول في ص115" لم يكن بباله أن يصل للثلاثين من عمره يوما,كان يشعر بأن الثلاثين هي بداية الشيخوخة "
التفاصيل اليومية والحياتية كونت ملمح آخر في كل القصص .. كل التفاصيل بلا استثناء
من المقهى والشارع والشيشة,بائع الجرائد,أطفال الشوارع,الشاي,المطواه,المي
كروباص,السينما,
السيد وزير الداخلية والسيدة العجوز وأبناؤها المعتقلين .
من يريد أن يصاحب باسم شرف ليس فقط لثلاثة أيام بل طول العمر ..وطول الموت.. لابد أن يصاحب هذه المجموعة القصصية الجميلة التي تنبض حياة لكاتب نبيل يسأل ونحن معه "لماذا لم يجعل الله للكاتب قداسة..تظهر من ملابسه وملامحه حتى ليوقفه أمناء الشرطة في الطرقات يفتشون عن بطاقته.

هشام الصباحي
المنصورة

5 ابريل 2010
المقال نشر فى جريدة صوت البلد القاهرية