ملتقي العربي في البحرين صفحة جديدة
المنامة – سيد محمود الحياة - 30/12/0/
اختتمت في المنامة الدورة الثانية للقاء الادبي «صفحة جديدة» الذي تنظمه مؤسسة المورد الثقافي بالتعاون مع غاليري «الرواق» وجريدة «الوطن» البحرينية واستمر ستة ايام وشارك فيه 18 كاتب وكاتبة من الجيل الشاب من مصر والسعودية و الجزائر وعُمان وسورية وتونس والمغرب والبحرين، وجرى اختيارهم وفق ثلاثة معايير: الجودة الفنية للنص المرشح وانعكاسات الظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية عليه، وعن المستوى التعليمي للمرشح.
وتضمن اللقاء ورشات للكتابة الإبداعية ومناقشات لأعمال الكتاب الشباب و لقاءات مع الشاعر البحريني قاسم حداد، إضافة الى قراءات إبداعية قدمها المشاركون للجمهور في أمسيتين، الأولى في مركز عبدالله الزايد للتراث الصحافي، برعاية الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وكيل وزارة الإعلام البحرينية المساعد للثقافة والتراث الوطني، والثانية في غاليري «الرواق» في منطقة «العادلية» وحضرتها مجموعة من كتاب البحرين
و«صفحة جديدة» هو لقاء ادبي تنظمه سنويا مؤسسة «المورد الثقافي» مع لقاء موسيقي عنوانه «ريمكس»، ولقاء آخر مسرحي عنوانه: «بداية اللعبة». ويختلف اللقاء الادبي للشباب العربي عن سواه من المنتديات واللقاءات الادبية في كونه يقصر سن المشاركين كتّاب بين الخامسة عشرة والثلاثين من العمر ومعظمهم في مرحلة ما قبل احترافية .
ولم يخل لقاء «المنامة» بدوره من إشكال بدأ في اليوم الاول من خلال اعتراض بعض الادباء البحرنيين الشباب على تنظيمه الذي يلزمهم بالبقاء طوال الوقت في ورشات عمل استمرت ثلاثة ايام في «بيت شباب المنامة». فضلاً عن اعتراضهم على صيغة العمل في الورشات التي جرت في اشراف الشاعر والمترجم الليبي خالد المطاوع الاستاذ المساعد للكتابة الابداعية في جامعة ميتشيغان الاميركية والكاتبة المصرية سحر الموجي الاستاذ المساعد للادب الانكليزي في جامعة القاهرة. وقد اشتغلت تلك الورشات على التفاعل مع نصوص أدبية قصصية وشعرية اختارها المطاوع والموجي وضمت نصوصا لسالمة صالح وفوزية رشيد والكاتب المصري الشاب الراحل وائل رجب واشعاراً لفاضل العزاوي وعلي محمود طه. وكان الهدف منها على قول المطاوع «استثمار الحس النقدي للشباب وتدريبهم على تقنيات للكتابة ذات طابع احترافي، تقوم على اختيار محدد لموضوع النص، وملء فجوات موجودة في نصوص يقف المشاركون على مسافة فنية منها».
وإضافة الى ورشات العمل التقى المشاركون الشاعر البحريني قاسم حداد الذي ألقى محاضرة تحت بعنوان «الموسيقى اسبق من اللغة» أشار فيها الى ان «مفهومه للموسيقى والإيقاع لا يقتصر على الشعر في القصيدة فحسب، لكنه يشمل الكتابة الأدبية عموماً، وكل أشكال التعبير الفني». وأضاف: «ان الكتابة العربية، الشعرية خصوصاً، لا تزال ترتبك كلما واجهت سؤال الموسيقى في النص». وأوضح أن عنصر الموسيقى هو الكنز المتاح الذي ليس من الحكمة التفريط به على يد الشاعر،
ومن غير المتوقع أن يأتي على الإنسان زمن يفقد فيه شرطاً جوهرياً من الشروط التي تميّز الشعر عن النثر.
وعطفاً على هذه المحاضرة ألقى كاتب السطور محاضرة عن الكتابة الجديدة في مصر تضمنت رؤية عامة لطبيعة الإنتاج الروائي الذي يقدمه كتاب التسعينيات في مصر وظروف نشره. ولفت النظر الى «لكليشيهات «النقدية في تلقي هذا الادب. وتناول السياق السوسيوثقافي المدرجة فيه، مشيراً الى أنّ هذه الكتابة، بفضل نزعتها المتمردة، لم تجد في مؤسسات النشر الرسمية الفضاء الملائم لتبني خطابها الابداعي بنزعته التقويضية، فلجأت أولاً الى مشاريع النشر المستقل، ثم تبنتها الدولة لاحقاً. وتوقف أمام ملاحظة ثانية تتعلق بازدياد عدد الكاتبات من أبناء هذا الجيل. فخلافاً لجيل الستينات الذي كان في معظمه من الذكور تقريباً تشكل جيل التسعينات على أساس التساوي تقريباً بين الرجال والنساء. وقدم الناقد البحريني محمد البنكي ورقة عن أدب التسعينيات في مصر، واللافت ان أحد الشباب المشاركين من المغرب انزعج من تركيز المحاضرتين على الادب المصري الجديد معتبراً هذا الأمر من باب فرض «المركزية المصرية».
وأقيمت في ختام اللقاء جلسة تقيمية سجل المشاركون خلالها بعض الملاحظات التنظيمية التي سببها الضغط المكثف للبرنامج، مما حال دون تعرفهم على مدينة «المنامة» ومعالمها السياحية، علاوة على تحفظهم على النصوص التي اختيرت لورشة العمل و «صيغ اداراتها لدى المنسقين» وان كان بعضهم رأى فيها محاولة لـ «التحايل على العقل الابداعي العربي الميال للكسل». واياً كان الأمر فأن تجربة «صفحة جديدة» كسرت الحواجز الوهمية المتصورة بين إبداعات الجيل الواحد مهما اختلفت المراكز الجغرافية لانتاجه، أكدت الدور الذي تلعبه «شبكة الانترنت» كفضاء جديد لنشر هذا الانتاج والتواصل بين مبدعيه بل بالغ احدهم في الدعوة الى تكريس الدورة المقبلة من اللقاء للبحث في موضوع «القصيدة الالكترونية».