مصاحبة رجل كفيف لثلاثة أيام
في يدك كتاب كل الأسماء لساراماغو , تتصفح صفحاته بعد أن استوقفك هذا العنوان أمام بائع الجرائد الدي تمر عليه يوما بعد يوم , وقد كنت انقطعت عن مواصلة قراءة الجريدة لمدة عام وسبعة أشهر
ــ انت رايح فين لو سمحت ؟
ــ لآخر الشارع .
ــ ممكن توصل الراجل ده معاك ؟
أجد رجلا كفيفا جاوز الستين من عمره ينهض من كرسي وحيد خارج المقهي , تمتمت في داخلي بالرفض أود استكمال ما بدأت , ولكن عجزه قد منعني من أن أتركه وحيدا يسير بعد أن فرغ الجميع من تضيع وقتهم وذهبوا حيث المضاجع بعد وقت طويل تركوه منتظرالصباح لاستئنافه .
أخدته في يدي الأخري غير المشغولة بإمساك الكتاب , يدور في ذهني كثير من الاسئلة , ماذا يريد ذلك الرجل ـ ساراماغو ـ من هذا العنوان المباشر وبعد لحظات شعرت بأن شيئا يتعلق بيدي تذكرت ذلك الكفيف وقلت بداخلي :ـ ليه ماتكلمش ولاكلمة , قلت أسأله الي أين يريد أن يذهب, فأجاب :
ــ بعد الخرابة بشارع عند العمارة الكبيرة اللي ساكن فيها رئيس المجلس المحلي , انت عارفه ؟
ــ أكيد .
أكدت ما يعرفه , وبداخلي أوقن أني لا أعرف من يسكن بهذه العمارة وهذا لطبيعتي الانطوائية فلاتوجد علاقة بيني وبين المنطقة التي ولدت فيها .
ولكن ما اسم ذلك الرجل, ولماذا يجلس علي هذا المقهي البعيد عن بيته الي هذا الوقت المتأخر , هل أسأله ؟
ــ ازيك ياعم محمد . صدر هذا الصوت وأنا حائر في أسئلتي من شاب ملامحه صغيرة وبه بعض الشيبة التي تغطي رأسه , فرد عليه العم : ازيك يا مصطفي يا ابني ,(ثم صمت برهة) عارف مصطفي ده اتخرج من السياسة والاقتصاد من حوالي خمس سنين وقاعد من غير شغل وياعيني أبوه راحت عينيه بسببه, وهو رايح دلوقتي علي الشارع العمومي عشان يعيط لوحده ومحدش يشوفه , هو كل يوم بالليل يعمل كده , دخلني الجامع ده , هو مش مفتوح ؟
بعد أن ملأ عقلي بمأساة مصطفي ,سألت نفسي كيف عرف أن هذا هو مكان المسجد, فهل هذه بصيرة الكفبف الذي يري دون أن ينظر .
وقابلني رجل كفيف اخر يشبهه يجلس علي الرصيف : بب بب بريزة عشان أكل . من البديهي أنه سمع وقع أقدامي فعرف أن هناك شخصا , لذلك بادر بهذا الطلب .
لم استطع متابعة ما قد بدأته وظل هذا الوقت بكل تفاصيله عالقة بذهني وأنا واضع رأسي علي الوسادة ( عادة يومية ) .
اليوم الثاني
كالعادة متأخر ,
ــ عارف يا ابني, كل شئ اتغير , ريحة الأيام , ريحة غدر الناس , وطعم الهوا في بقك . ثم صمت للحظات واستأنف الحديث, إلاقولي انت بترجع ليه متأخر؟.
ــ شغلي
ــ بتشتغل ايه؟
ــ صحفي
ــ ياه , وبتتأخروا كده ؟
ــ اه الشغل بيكتر طالما فبه بلاوي .
ــ علي رأيك الناس ايه اللي في دماغها غير البلاوي .
عاود الصمت مرة اخري ولم أجرؤ علي قطع صمته الي أن توقف فجأة :
ــ دخلني الجامع ياابني , هو مفتوح؟
وبعد أن ابتعدت عنه بحوالي عدة أمتار سألني بصوت عالي :
ــ انت اسمك ايه ؟
ــ اسمي يوسف .
ثم دخل الي المسجد دون أي اشارة لماذا سألني , وماذا يريد من استجوابي فجأة عن اسمي .
وقابلني نفس السائل الكفيف .
اليوم الثالث
لم يكن هذا اليوم مختلفا عن سابقيه ولكن الجديد هو أني لم أجد الكفيف , سألت الشاب الذي كان يجلس علي الكرسي المفضل لعم محمد وتبينت الوجه فإذا به مصطفي ليقول :ــ عم محمد مين ؟ قالها دون أن ينظر لي والشرود قد سكن ملامحه . فقلت له :
ــ الكفيف .!
.. لم ينظر لي ايضا ثم ترك الكرسي باكيا.
باسم شرف
الصورة : من فيلم زهور القرآن لعمر الشريف
احببت ان انشرها مرة اخري دون اي تعديل
23 Comments:
جميلة كالمعتاد يا باسم
معرفش ليه من اول اليوم الاول وانا منتظرة حدث غريب حزين مختلف
وها قد تحقق
رصد تفاصيل موجعه ووضعها في الاطار ده قد ايه جميل
تسلم ايدك وقشطة وكده
دايما كتاباتك صادمه
رائع كالمعتاد
الحمد لله انك نشرتها مرة اخرى علشان نقراها
................
نهاية غير متوقعة :( .. حتى أنى غير واثقة من فهمى للنهاية بشكل مُرض :$
***
لازالت لمحاتك العفوية تعلن عن نفسها بوضوح
عارف يا ابني, كل شئ اتغير , ريحة الأيام , ريحة غدر الناس , وطعم الهوا في بقك
ايضا شدنى تكرار سؤال الرجل عن المسجد
دخلني الجامع ده , هو مش مفتوح ؟
***
دخلني الجامع ياابني , هو مفتوح؟
شعرت بها وكأنها إشارة ما، لم تكتمل
***
قصة جميلة باسم
***
قبل أن أنسى .. أعتقد أنك تقصد مسيو ابراهيم و(زهور) القرآن للفرنسى ايريك ايمانويل شميت .. أليس كذلك؟
كراكيب
اشكرك يا استاذة
روايتك مختلفة يا نهي واستايل الكتابة مختلف وهاعملها بوست قبل الندوة علي طول
نورا الجميلة
انتي الاجمل دائما عزيزتي ورائعة
اشكرك ياقمر
ميراج
دائما بتحرجيني بزوقك الجميل
انتي اللي دايما بتلقطي تفاصيل في العمل كويسة انا بتبسط بيها جدا
هي بالظبط الرواية بتاعة ايريك اللي مثلها عمر الشريف
كنت غلطان وكتبتها ظهور لانها كانت لازقة في دماغي كده للاسف
برافو عليكي
وخلينا نتواصل
بقالي كتير قوي مقريتش حاجه بالرقه دي وفي نفس الوقت عميقه جدا جدا ومليانه بالمشاعر
شكرا بجد يا باسم انك خلتني احس ان ممكن يبقي لسه في حد بيعرف يكتب بمشاعره مش بقلمه
انا متهيالي ان بطل القصه ده حايفضل مصاحب الرجل الكفيف لمده عمره كله صعب جدا انه ينساه انا شايف ان الرجل الكفيفده رمز ورمز احاجات كتيره اوي اهمها استمراريه الحياه مهما حصل فيها
برافوو علييك يا باسم بجد انت فنان واحساسك عالي اوي
جميلة..واضحة ومفهومة ..بس انت واخد بالك ..فاكر عادات تحتاج الى رجل موجود؟ ..انت ايه رأيك ؟ مش فيه علاقة بين الحدث والزمن ..فى شغلك كله ؟
النص جميـــــل يا باسم
أحييك بشدة
ya nhar azraaa2!! :S
fazee3 ya basem bs ana katba 7aga 3'reba 2bl ma5osh 3la blogk..3dy 3la blogy kida w 2olly twarod el2fkar bybe3oh feen???
وبداخلي أوقن أني لا أعرف من يسكن بهذه العمارة وهذا لطبيعتي الانطوائية فلاتوجد علاقة بيني وبين المنطقة التي ولدت فيها .
********
السرد أكثر من رائع، لكنني أختلف مع نور، فلا أري أي صدمات بل بالعكس، انتهت روايتك بما هو متوقع تماما،
أول يوم لم يكن له وجود، ثم فرض واضح لوجوده في حياة يوسف في اليوم الثاني، ثم الفقد في اليوم الثالث!! أري أفكار ناضجة قد تم طرحها، وبالرغم أن الاطار كان تقليديا، الا أن عبقرية السرد اسرة بشكل كبير ..
تحياتي
كنت متأكدة أنك أديب تقيل يا باسم ، هو دا الشغل ولا بلاش ، معلش انا بيعجبنى الشغل دا اكتر من حاجات تانية
سيماء الجميلة
الرقة تكمن جوا اللي قرا
انا اللي اشكرك جدا
..........................
احمد باشا وائل
اشكرك يا معلم انت اللي فنان
.....................
هوبا
ملحوظة حلوة لفتت انتباهي ليها
لان الزمن عايش بينا ومش هيكون
زمن الا بينا
...................
وئام هانم
اشكرك واكيد كل اللي هتكتبيه حلو
شفتي فيه توارد افكار ازاي بينا ؟
انا كتبتها 2003 وانت كتبتيها 2007
سبحان الله فولة واتقسمت اتنين ؟
ههههههههههههههه
.................
بنت الحياة
سعدت كثيرا برايك وسعدت ايضا انها اعجبتك
ويارب دايما
علي فكرة مدونتك حلوة
..................
سهي زكي
ربنا يخليكي .. الحمد لله انها عجبتك
لكن ايه الحاجات التانية اللي مش عجباكي
.....
coooool
استاذى العظيم العبقرى.رغم انك لسة صغنن بس فعلا استاذ. وعبقرى فنان فى زمن انتهى فيه الفن فمبالك بالعبقرية !!
تعليقى على القصة دى سبق وقلتهولك على االقهوة فى ليلة مرت عليا كالحلم... فاكر؟
على العموم انا حقيقى مش لقية تعليق مناسب ااقوله لانى زى ماسبق وقلتلك برضه اخاف ان انبهارى بكل كلمة خلقها خيالك الموهوب جدا يؤخذ على محمل االنفاق.
وكمان اناا كيد رأيى مش هيفرق كتير لااان اكيد انت عارف مين هو باسم شرف.
وانك ترى الفخر فى عيون من اسعدهم الحظ بلقائك. ايها العبقرى العظيم الذى جاء لينقذ الفن من الازمة. فاستمر يا صاحب الجزمة. جزمة واحدة مليئة بالاحداث.
غادة سعيد
عزيزي المجهول
كوووووول وقشطة
........................
غادة الجميلة
انتي دائما الاجمل
طبعا فاكر ليلة الحلم
طبعا رايك يفرق ميفرقش ليه ؟
انا اكثر سعادة لما بشوف حد فرحان حتي لو فيا هههههه
مش قوي يعني
اشوفك علي خير
نفس القصة و نفس الصدمة, كل مرة أقرأها أشعر بنفس الصدمة في النهاية مع إني قرأتها فعلا من قبل و مع أني ترجمتها و الترجمة تبحر في كل حرف, إلا إني ما زلت أشعر بنفس الصدمة و هذا دليل قاطع على أنك فنان مبدع
و كمان أختيارك للصورة ممتاز
تحياتي
داليا
allaaaaaah ya bassom! bgd 7elwa awyy,ana mesh 3arfa akteb comment mo3ayan bs men kotr mahy 7elw kan lazem a2ool allah!!!
zahra
استاذي الدائم والجميل باسم .. لما انت كتبت في الاول " اليوم الاول " تخيلت انك كاتب قصه كبيره اوي لكن وكالعاده تلخيص ما هو مهم في ما هو قليل شعار العباقره.. انا مش هقلك ان البوست حلو لانه الل كاتبه باسم شرف هيكون ايه يعني؟ .. مهو اكيد رائع..تدوينه لمست جزء خفي كده مش بحسه الافي لحظات نادره ..رائع كالعاده
احمد عبد الفتاح
الاستاذة داليا
اشكرك علي مجهودك الكبير في ترجمة ما كتبت
وهذا دليل علي انك فنانة حقا وانسنة
اشكرك يا داليا
..........
زهرة
اشكرك يا زهرة علي تعليقك
ودا من زوقك ياقمر
.................
احمد عبد الفتاح
ازيك الاول يا فنان
تحياتي لفنك ياجميل
واشكرك علي تعليقك ياقمر
hi bassel ana awal mara boeralak tariktak bil sarid rae3a ,misdaeytak arwa3,chou3our sadik lam tou3ir l kafif ahamiya bikadar itijahouka lil kitab ,lam tadda3i ,lam tounafik wa hada chi hilo,ahla min l hilo,mwafak
معلش هو التعليق متأخر...شويتين
----
القصة حلوة يا باسم وللإمام دايما
Post a Comment
<< Home